عاجل
الأحد 15 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

حكاية شعب الأشانتي في غانا

قبيلة الأشانتي
قبيلة الأشانتي

حكاية شعب الأشانتي في غانا



 

يقع إقليم "الأشانتي" ضمن أرضي دولة غانا حاليا، وحتى يومنا هذا لا يزال لشعب "الأشانتي" عاداتهم وتقاليدهم التي يتميزون بها، ولا يزال لهم حاكمٌ يحكم الإقليم، وهو المعروف بلقب: ملك "الأشانتي". كما يسكن في هذا الإقليم شعب يطلق عليه اسم: شعب الأكان Akan People منذ قرون بعيدة، ويتكون إقليم الأشانتي من زعامات ذات حكم فيدرالي، كانت قد تكونت منذ القرن السابع عشر الميلادي.

 

وتُعتبر قبيلة- أو شعب- "الأشانتي" من أشهر القبائل في مناطق غرب إفريقيا، وتشتهر هذه القبيلة بأنها: "قبيلة الذهب"، ويبدو أنهم ورثوا ذلك عن الشعب الغاني القديم المعروف باسم "شعب السوننكي" (السوننك). ولدى شعب أو قبيلة الأشانتي الإفريقية العديد من الرموز الدينية والروحية، ولعل من أبرزها "الكرسي الذهبي"، وهو الذي يعد بمثابة رمز السلطان، والرياسة في هذه القبيلة، وقد ظهر هذا الكرسي للمرة الأولى بحسب تقاليدهم المحلية في عهد أحد ملوكهم، وكان يدعى باسم: الملك "أوساي– توتو"، وهو الذي تولى حكم قبيلة "الأشانتي" منذ حوالي سنة 1700م، واستمر في الحكم حتى سنة 1730م، وهذا الملك هو الرابع في تاريخهم بعد حقبة التأسيس حسب تقاليدهم، وربما يُقصد بالتأسيس عندهم تأسيس "مملكة الأشانتي" خلال الحقبة الحديثة.

 

أسطورة كُرسي الذهب:

ترجع قصة "كرسي الذهب"، أو بالأحرى أسطورة "كرسي الذهب"، عند قبيلة "الأشانتي" بسبب أحد الكهان (المحليين)، واسمه: (أُنتشي)، وهو الذي يزعم حكاية هي أقرب للأساطير المحلية أن هذا "الكرسي المقدس" كان قد نزل من السماء في الأصل، وهو كرسي مصنوع من الخشب المغطى بالذهب. وتذكر الروايات المحلية لـ"شعب الأشانتي" أن هذا الكرسي لما نزل من السماء لم يسقط على الأرض، بل استقر على حجر الملك المدعو "أوساي– توتو"، وهناك أعلن الكاهن بأن هذا الكرسي المقدس يحمل روح "أمة الأشانتي"، وأن مجد هذه القبيلة الإفريقية، وكذلك قوتها، وسعادة شعبها تكمن في هذا الكرسي المقدس، وهم يعتقدون أنه لو نال ذلك الكرسي شيء من التلف أو العطب سوف تُصيب اللعنة شعب "الأشانتي"، وزوال مجدهم، وسلطانهم.

 

 

Description: أقاليم غانا - ويكيبيديا

خريطة أقاليم غانا ويظهر فيها إقليم الأشانتي

 

وعلى هذا صار الكرسي الذهبي رمزا مقدسا عند الأشانتي، وهو شعار المجد، والوحدة لهذه القبيلة الغانية، ولا يجوز أن يلمسه أي شخص، أو أن يجلس عليه، وعندما يُنقل مرة واحدة في العام خلال الاحتفالات المحلية الكبرى لهذه القبيلة، يتم نقله بعناية فائقة، ويحيط به الحراس والأتباع لحمايته، وعندما يموت ملك الأشانتي يودع كرسي الملك في مستودع خاص بالكراسي الملكية لحكام الأشانتي.

 

وكان شعب الأشانتي يمثلون تهديدًا كبيرًا للمستعمرين الإنجليز لاسيما فيما يرتبط بتجارة سواحل "المحيط الأطلنطي"، وبقي الحال على هذا حتى تمكن المستعمرون الإنجليز من الانتصار على زعماء الأشانتي، وبذلك خضع الأشانتي لهم. ويقال بحسب بعض الروايات إن "الأشانتي" من الشعوب التي تذيع بينها عادات أكل لحوم البشر مثل بعض الشعوب الأخرى، وهو زعم لا دليل عليه. ومن أشهر الأساطير الشعبية في غانا أسطورة الثعبان المقدس المدعو باسم "بيدا"، وتقدم لنا هذه الأسطورة تصورًا شعبيًا لأصل الذهب في مملكة غانة القديمة (469-600هـ)، وان مناجم الذهب في هذه البلاد يرجع أصلها إلى بقايا رأس هذا "الثعبان المقدس".

 

 

Description: images

 

قبيلة الأشانتي بأزيائهم التقليدية

 

 

ولا ريب أن تأثيرات تلك الأسطورة الغانية القديمة لا تزال موجودة، إذ إن شعب "الأشانتـي" تعتقد حتى يومنا هذا بوجود ما يسمى بـ"البراز الـذهبي"، وهو باللغُة المحلية "سو– سوم"، وهو ما يُعرف عندهم بـ"روح الأشانتي". ويعتقد شعب "الأشانتي" أن ذلك "البراز الذهبي" رمزٌ مقدسٌ، وهو يذكرهم بعبادات الأسلاف، وعقائدهم، وهم يعتقدون أنه نزل من السماء على غرار "الكرسي الذهبي"، وهو فيما يقال يعتبر نمطا من أنماط التواصل بين كل من الأرض والسماء. ويحتفظ "الأشانتي" بهذا "البراز" حسب معتقدهم، ولا يُسمح لأحد أن يلمسه، وهم يدافعون عنه حتى الموت خوفًا من فقدانه، ولعل هذا التصور هو ذاته ما يرتبط بكرسي الذهب.

 

ومن الراجح أن فكرة هذا "البراز المقدس" بحسب عقيدة "الأشانتـي" ربما يُشير بشكلٍ أو بآخر لتأثـيرات "أسطور الثعبان المقدس"، إذ لما قُتل الثعبـان "بيدا" صعدت رأسه إلى السماء، ثم سقطت على الأرض كالأمطار في شكل الـذهب، ولعلهم يؤمنون بأن هذه الأمطار كانت قد خرجت من جسد ذلك "الثعبان المقدس" المدعو بيدا، ولهذا فإنهم يدعونها باسم: "البراز الذهبـي". ويذهب بعضُ العلماء إلى أن قتل الثعبان المقدس (بيدا) ربما يُشير إلى نوع من الصراع الـذي وقع في مملكة غانا القديمة ما بين "الـديانة التقليدية" (الـوثنية) التي يرمز لهـا "الثعبان" من ناحية، وبين التحول إلى الـدين الإسلامي من ناحية أُخرى، ويُشار إلى ذلك التحول بشكلٍ واضح لا لبث فيه نحو الإسلام من خلال قتل الثعبان على يد شاب مُسلم، وهو الشاب المدعو "مامادي" (أي: محمود) بحسب الروايات الغانية.

 

كلية الآداب - الجامعة الإسلامية بولاية مينيسوتا

 

 

 

 

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز